Thursday, April 11, 2013

الربيع العربي (الجزء الثاني) بقلم د. احمد الخطيب

لقد كان واضحاً في هذه الفترة أن التحرك الشبابي كان ردة فعل على مشاكل بعينها ولم يكن بالإمكان اعتبار ذلك تعبيراً حازما لتغيير مسيرة التاريخ بعد.


ولعل من الانصاف هنا الاشارة إلى بعض المحاولات الاصلاحية جماعية كانت أم فردية والتي سبقت كل ذلك، فلقد شهد تاريخ البشري محاولات كثيرة من إصلاحيين دينين وغيرهم ساهمت في رفع ظلم قد وقع إلا أنها محاولات سرعان ما تجمدت بعد وفاة قادتها أو إثر اختطافها من قبل انتهازيين وما أكثرهم!

لعل الربيع الأوروبي كما سمي في ذلك الوقت الأقرب لما نحن بصدده، فقد انطلقت شرارة الثورة في فرنسا عام 1848 وشملت عدة دول أوروبية وكانت بقيادة الطبقة الوسطى والمثقفون والعمال وتم القضاء عليها بعد سنتين من تحالف الملوك والنبلاء والكنيسة والفلاحين، وراح ضحيتها الألوف.

وهنا أعطي هؤلاء الأبطال الدرس لمن يريد أن يتعلم، فإن كان قد تم القضاء على الثورة إلا أن فكرتها لم تنتهِ فالفكرة لا تموت بموت أصحابها. ولعل من أبرز إفرازاتها نهاية الاقطاع في النمسا عام 1850 وتحول الدانمرك إلى دولة ديمقراطية وكذلك هولندا، كما وانتهى احتلال بعض الدول الأوروبية المستعمرة من قبل برشيا Prussia والنمسا، كما تم القضاء على تجارة الرق في أوروبا.

الموجة الثانية :

بعد هذه الإرهاصات المتفرقة ارتفع سقف المطالب وانتقلت هذه الحركات إلى المواجهة مع النظام والسعي إلى إسقاطه. ولعل أبرز هذه المحاولات ما جاء في الحركة العالمية البولونية ضد هيمنة روسيا على الحكم وكانت هذه الانتفاضة العالمية بقيادة الطبقة العاملة والتي استطاعت أن تحرر بولونيا.

كذلك كانت حركة الشباب في رومانيا والتي استطاعت الاطاحة بتشاوشيسكو دون إطلاق رصاصة واحدة فقد كانت حركة سلمية حيث واجه الشباب أجهزة الأمن بصدورهم العارية، وهو أمر أدخل الحيرة لدى الأجهزة الأمنية فلا خبرة لديهم في مواجهة كهذه، فتحول المهرجان من تأييد للرئيس إلى مظاهرة كبيرة اسقطته وأعدمته مع زوجته.

ولابد من تعداد بعض الحركات الشبابية الأخرى كحركة شباب أوكرانيا البرتقالية التي أطاحت بحكم دكتاتوري مستبد.. وأيضا حركة الشباب اللبناني البرتقالية التي حررت لبنان من الاحتلال السوري بعد اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان في العام 2005 ومن الملاحظ هنا أن الحراك لم يقدم البديل لمرحلة ما بعد التغيير.

المرحلة الثالثة:

عالمية التحرك الشبابي

1- الربيع العربي الذي عم جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج

2- حركة احتلال المؤسسات المالية Occupy Movement

3- تناغم حركات الشباب العالمية وتعاونها.

الربيع العربي

عندما بدأ التحرك العربي في تونس فسر البعض ذلك لطبيعة تونس المنفتحة ولتوافر أحزاب سياسية وتنظيمات نقابية معروف تأثيرها وبصورة نفتقدها في باقي الدول العربية، لكن التحرك الشبابي في مصر أذهل الكثيرين وأدهشهم. وكان طبيعياً أن يتساءل الكثيرون عن ماهية هذا التحرك الشبابي المفاجئ وإمداده في الوطن العربي كله من المحيط إلى الخليج .

من هم هؤلاء؟ من هم قادته؟ وأين برنامجهم؟..إلخ من التساؤلات التقليدية التي كان يقاس بها أي تحرك سياسي منظم في السابق.

وبما أن الإجابة على هذه الأسئلة بقيت غائبه فقد كان من الطبيعي أن يصنفوا هذا التحرك بعبث شبابي كما لم يتردد البعض بالقول بأن هذه مؤامرة أمريكية صهيونية لتدمير الوطن العربي كله وتفكيكه .. وغير ذلك من هرطقات الجيل السابق.

المراقبون والمتابعون للحراك الشبابي العالمي وحدهم كان عندهم الجواب ولعل ابرزهم كان رزينو برزنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي كارتر عندما قال بأن ما يجري الأن في العالم العربي هو أول ثورة في تاريخ البشرية وسوف تعمل على إلغاء كل ما هو موجود ومؤسس لثقافة عالمية إنسانية مسالمة ستساهم في إسعاد البشرية، وبأنها ستواجه مقاومة شرسة من قبل الفئات المستفيدة من الصراعات الدولية ، ولكنها حتما ستحقق أهدافها. الشيء الغير معروف بعد هو المدة الزمنية التي سيستغرقها مثل هذا التحول .

ومع هذا فإن هذه الثورة حققت انتصارات هائلة،فقد اسقطت مقولة هنتنغن Huntington المشهورة حول صراع الحضارات والتي تقول أن العالم يشهد صراعاً بين الثقافة اليهودية المسيحية الحضارية، والجهل العربي الاسلامي الذي لا دور له في الحضارة العالمية لأن شعوبه تعودت على الذل وعبادة الحكام، فهم قطيع من الغنم يساق من راعيه إلى المسلخ.

وقد أبرز أيضا برنارد لويس الذي كان المستشار المهم للبيت الأبيض الأمريكي لعدة رؤساء ، والمتخصص في سياسة أمريكا في الشرق الأوسط أن شعار الكرامة يؤكد انتفاضتهم على مفهوم العبودية والذل الذي رزحوا تحته زمناً طويلاً ، فهي انتفاضة كرامة وحرية وليست انتفاضة ضد الجوع فقط.

لقد تجاهل هذا الاتهام المذهبي البغيض للأمة العربية الدور الأساسي الذي لعبه العرب في تطور الحضارة العالمية ولعل كتاب الاساتذة في جامعة هارفارد بعنوان Maria Rosa Menocal The Ornament of The World زينة العالم .

ما يؤكد ذلك وبشدة ، هذا الوصف كان من مندوب البابا الذي طُلب منه أن يذهب إلى الأندلس للتأكد من صحة ما نُقل إليه من أن المسيحيون في الأندلس يقيمون الصلاة في الكنائس باللغة العربية.

هذا المبعوث رأى ما أذهله في الأندلس فالجميع يتكلم اللغة العربية، والكتب والمجلات كلها باللغة العربية، حتى الصلاة في الكنائس باللغة العربية ، لا بل أكثر من ذلك فقد أدهشته اللقاءات الدورية للحوار بين الأديان الثلاثة. لذلك سمي الأندلس "بزينة العالم" والكاتبة تُذكّر بالدور المهم الذي قام به خريجوا الأندلس في الثورة الفرنسية وحركة الاصلاح في كل من بريطانيا والمانيا ، بل أن جامعات فرنسا كانت تدرّس بعض المواد باللغة العربية.

وبالطبع أذهل ذلك البابا في روما فعمل على منع استعمال اللغة العربية في الجامعات الفرنسية.لكن ترهل الوضع السياسي في الأندلس والصراع بين الامارات التي تشكلت بعد ضعف الخلافة أتاح الفرصه للبابا لانهاء الخلافة الأموية في الأندلس

No comments: